حين يتاح لك منبر حر نبيل شريف، تقول فيه كل ما تود أن تقوله ، دون حساب ولا مراعاة لاعتبارات ولا مواءمات ولا سياقات ، بحيث لا تصغى فيما تقوله فيه  إلا لصوت ضميرك ، ولا تنصاع فيه إلا لرؤية عقلك ، ولا  تنصت فيه إلا إلى ما يمليه عليك فكرك واقتناعك ، ساعتها لابد أن تعض على هذا المنبر بالنواجذ ، وأن تقدر كلمتك حق قدرها، وتزن  حديثك بميزان العدالة والنزاهة والتجرد الذى لا يتغيا  إلا رفعة هذا الوطن الكريم ، وإيقاد النور  فى عقول أبنائه ، ورفع الوعى بقضاياه  إلى المستوى الذى يليق بتاريخه وحضارته وقيمته الإنسانية العليا.

لقد كان هذا هو ما أتاحته لى (المشهد) على مدى سنوات عشر، أشهد أنها مرت جميعا دون أن يراجعنى ربان هذه السفينة الفريدة (مجدى شندى) فى كلمة ، ولم يناقشنى فى موقف ، ولم يغير حرفا واحدا فى مقالاتى  التى توالت أسبوعيا ، فى زاويتى الخاصة (إيقاع مختلف).

وإذا كانت المهام الخاصة بوجودى فى مجلس إدارة النقابة العامة لاتحاد الكتاب وفى هيئة مكتبها ، قد حرمتنى  لبعض الوقت - ضمن ما حرمتنى منه - من مواصلة الصعود إلى هذا المنبر النبيل ، فإنى أعاود الآن الصعود إليه مستشعرا  حلاوة الرجوع إلى مكان أحبه ، ودور أزهو به ، ورسالة أحمد الله أن هيأ لى أداءها.

أعاود الصعود إلى هذا المنبر الحر ، وقد جرت فى نهر الوطن مياه كثيرة ، وتغيرت اقتناعات كثيرة ، وتكشفت أسرار كثيرة ،  وصارت الرؤية أسطع ،  والمواقف أوضح ، والقدرة على الحكم على الأشياء والأحداث أكبر وأكبر.

فمرحبا بالعودة التى تستفز العقل والقلب والفكر ، وأسأل الله أن يرينى الحق حقا ويرزقنى  اتباعه ، والإرشاد إليه ، وأن يرينى الباطل باطلا ، ويرزقنى اجتنابه  والتحذير  منه ، وأن يجرى الحق على لسانى وقلمى ، ومن قبلهما ، فى عقلى وقلبى ، اللهم آمين.
----------------------
بقلم: السيد حسن